اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
6601 مشاهدة
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
في هذه الكلمة وصايا لإخواننا الحاضرين؛ رجاء أن ينتفعوا ويوصوا إخوانهم بما يتيسر مما يحفظونه.
نتواصى بالاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه قدوة الأمة وأسوتهم، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا .
ونتواصى بالتمسك بالسنة التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ونتواصى بتقوى الله تعالى التي أوصى بها ربنا -سبحانه وتعالى- وأوصى بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه الوصايا الثلاث أعلق عليها شيئا يسيرا ليُعرف بذلك كيف يعمل المسلم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف يسارع إلى الخيرات وكيف يلتزم بالطاعات.
فنقول في الوصية بتقوى الله: قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ هكذا جاء في هذه الآية الوصية بتقوى الله؛ ولا شك أن ذلك دليل على أهمية هذه الخصلة التي هي تقوى الله تعالى وطاعته.
وقد ورد عن بعض السلف كالشافعي وغيره قال: تقوى الله تعالى أن تعمل بطاعة الله؛ على نور من الله ترجوا ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
وهذا تفسير مجمل؛ وذلك لأن العمل بطاعة الله يدخل فيه جميع الطاعات التي وعد وأمر الله بها؛ فإذا أدى الطاعة على نور ودليل وبرهان كان أجره أكثر؛ وكذلك إذا كان يرجو الأجر الذي رتب على تلك الطاعات، وهكذا إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها؛ فإنه إذا تركها وكان على دليل وبرهان وكان يرجو ثواب الله في تركها أجره الله، فربنا -سبحانه وتعالى- يثيب على الطاعات، ويثيب على ترك المحرمات؛ فيكون المسلم له أجر إذا تقرب إلى الله تعالى بالعبادات التي يحبها الله تعالى والتي أمر بها، وله ثواب إذا احتسب وترك المحرمات التي حرمها الله تعالى ونهى عنها.
فهذه وصية الله تعالى ووصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث العرباض بن سارية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وقال -صلى الله عليه وسلم- مودعا لبعض أصحابه: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن بدأ بتقوى الله اتق الله حيثما كنت .